‏إظهار الرسائل ذات التسميات رمضان. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات رمضان. إظهار كافة الرسائل

الجمعة، 24 مارس 2023

الخرطوم تحوّلت الـى"مدينة غير مأهولة بالعمار" في أول أيام رمضان

الخرطوم تحوّلت الـى"مدينة غير مأهولة بالعمار" في أول أيام رمضان


الخرطوم في الول أيام رمضان

تحوّلت الخرطوم إلى ما يشبه "مدينة أشباح"، غارقة في صمت وهدوء شديدين، عند نهار اليوم الأول من شهر رمضانالمشهد العجيب يبدو على النقيض تماماً لمجريات يوم أمس، حيث عانت تلك الأماكن ذاتها اكتظاظاً مرورياً كبيراً للغاية وازدحاماً لافتاً أمام مراكز التسوق وبيع الأطعمة والمشروبات، وامتد الاختناق المروري حتى ساعات متأخرة من ليل أمس.


خلو الشوارع الرئيسية بالعاصمة السودانية من المارة والسيارات في الساعات الأولى من نهار اليوم الخميس - الأول من شهر رمضان - بطريقة لافتة للانتباه، إذ عادةً ما تشهد تلك الشوارع حركة كثيفة وازدحاماً مرورياً طيلة أيام الأسبوع.


عودة الحركة في الأيام المقبلة


مشهد الخرطوم بفاتحة شهر الصوم جذب انتباه مستخدمي مواقع التواصل، الذين نشروا صوراً عديدة تظهر شوارع وسط الخرطوم أو "الداون تاون" خالية على غير أحوالها المعتادة.


شهود عيان ذكروا أن منطقة وسط الخرطوم لا تشهد أعداداً قليلة من المارة والسيارات بتلك الكيفية التي بدت بها إلا في أوقات نادرة جداً، وبالتحديد في أيام العطلات، خاصةً عطلة عيدي الفطر والأضحى، عند مغادرة أعداد ضخمة من المواطنين لقضاء عطلة الأعياد قرب ذويهم بولايات السودان المختلفة.


وعزى ظهور المارة والسيارات بأعداد ضئيلة لا تذكر، لالتزام الصائمين أماكنهم، خشية التعرض للإجهاد والجوع والعطش في اليوم الأول، في ظل ارتفاع درجات الحرارة. لكنهم أكدوا أن الحركة ستعود إلى سابق عهدها ريثما تنقضي الأيام الأولى من شهر رمضان.


مسافة في زمن قياسي


أحد المواطنين قال إنه قطع المسافة من محل سكنه بحي شمبات بالخرطوم بحري لمقر عمله بوسط الخرطوم، مروراً بجسر المك نمر، في وقت وجيز للغاية مُقارنةً بالأيام العادية، حيث قطع تلك المسافة المقدرة بحوالي 13 كلم في زمن قياسي.وأضاف هذا الشخص أن سمة الهدوء ليست مقتصرة على وسط العاصمة وحدها، حيث انتقلت حتى للأحياء السكنية وأيضاً الأسواق، كما أغلقت الغالبية العُظمى من المحال التجارية أبوابها حسبما ما رصد وهو في طريقه إلى مقر عمله.


السبت، 18 مارس 2023

قصة سلطنة مايرنو (مدينة السحرة) في السودان .. لا تصوم إلا برؤية الهلال بالعين المجردة

قصة سلطنة مايرنو (مدينة السحرة) في السودان .. لا تصوم إلا برؤية الهلال بالعين المجردة


السودانيون يفطرون في رمضان


بينما الغالبية العظمى من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها منشغلين بتحري رؤية هلال شهر رمضان المعظم، هذه المدينة وحدها تبدو غير مكترثة لما يحدث، لأن العادة جرت منذ عشرات السنين أن صوم شهر رمضان لا يثبت إلا بعد رؤية الهلال بازغًا بالعين المجردة.


تلك العادة متبعة في في شهر رمضان، في سلطنة مايرنو بولاية سنار، الواقعة على بُعد 320 كلم تقريبًا بالاتجاه الجنوبي للخرطوم، منذ أزمان سحيقة تتوارثها الأجيال، وتقف صامدة ومتماسكة بوجه العولمة والتطور الرقمي، ولا يجرؤ أي شخص بالسلطنة حتى أولئك الذين نالوا حظاً وافراً من التعليم خارجها على معارضتها أو مخالفتها.


مواطنو مايرنو يتبعون نهج الحديث النبوي الشريف: "صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُم فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ". كما يتبعون ذات النهج في تحري رؤية هلال شهر شوال لإعلان أول أيام عيد الفطر ولا يقيمون وزناً لحسابات فلكية أو ثبوت رؤية بالمجهر أو التلسكوب، كما يجري في بقية دول العالم الإسلامي.


كيف ومتى تأسست سلطنة مايرنو؟


تأسست سلطنة مايرنو بالسودان مطلع القرن الماضي، على يد أحفاد الشيخ عثمان دانفوديو، أحد أعظم القادة بالقارة الإفريقية في القرن الثامن عشر الميلادي، بعد سقوط مملكة سوكوتو الإسلامية في نيجيريا، بغرب إفريقيا، بعد معركة ورنو الطاحنة ضد البريطانيين.


بعد تلك المعركة، اختار أحفاد دانفوديو الهجرة شرقاً، ليحطوا رحالهم بالسودان، بعد مسيرة شاقة استغرقت ثلاثة أعوام ونصف العام سيراً على الأقدام.وهناك في سنار، تخيّروا رقعة أرض على الضفة الغربية للنيل الأزرق، وأقاموا سلطنة (مي ورنو) وتعني ابن السيد بلغة الفولاني والتي تحورت إلى (مايرنو) فيما بعد.


وعند وصولهم للسودان، كانت تدفعهم أشواقهم للحاق بالدولة المهدية، لكنهم وجدوا أن المهدية التي ينظرون إليها بإعزاز وتقدير، غربت شمسها على أيدي البريطانيين بقيادة اللورد كتنشر باشا.فطاب لهم المقام بمايرنو على تخوم سنار وشيّدوا وزرعوا وحصدوا وتصاهروا، ثم هوت إليهم أفئدة كثير من الناس، حتى يسكنها حالياً 70 ألف نسمة أو يزيدون.


مدينة السحرة


ثمة اعتقاد راسخ يسيطر على مخيلة السودانيين بأن مايرنو معقل من معاقل كبار السحرة وأصحاب الخوارق والوسطاء الروحانيين، وعزز من تلك المعتقدات أنها تحولت إلى مزار دائم للساسة الأكابر منهم والأصاغر لتوطيد دعائم سلطة ماثلة أو استعادة أخرى غاربة، كذلك يحج إليها الإداريون بأشهر الأندية الرياضية، يعفرون أقدامهم لشيخ أو انطون كما يعرفون في الوسط الرياضي بالسودان، سعياً لكسب مباراة فاصلة.


وكذلك يفعل رجال أعمال وتجار ورجال ونساء وفتيات بحثاً عن حل لمشاكلهم وتحقيق رغباتهم دون مشقة تذكر، عبر القوة الروحية الخارقة لدى أولئك الشيوخ أصحاب الحظوة والكرامة بمايرنو، وهناك روايات وقصص شعبية لا تحصى ولا تعد سارت بها الركبان.


أسطورة التمساح


ولعل أشهرها، أسطورة تمساح سلطان مايرنو الذي يجوس خلال الديار إذا أرخى الليل سدوله ثم يتوجه لضفة النهر، حتى إن دنا الفجر عاد أدراجه، خلف قضبان قفصه الحديدي.


لكن مهند عرابي أحد حفدة سلطان مايرنو قال لـ"العربية.نت" إن المنطقة لديها إرث وتاريخ في إقامة الخلاوي وتحفيظ القرآن الكريم، ولديها شيوخ درسوا بالأزهر الشريف بمصر وجامعات مرموقة بالسودان، وأيضاً لديها تاريخ في التداوي بالأعشاب النابتة بالمنطقة أو المستجلبة من نيجيريا، لكن الأساطير التي نُسجت حول المنطقة وربطتها بالسحر والدجل والشعوذة، معظمها غير صحيحة ومفبركة.


قطعاً هناك شيوخ يستخدمون ما تحصلوا عليه من الأسرار في السحر والشعوذة، لكن هؤلاء قلة قليلة - كما يقول مهند عرابي - وموجودون في كافة أنحاء السودان ولا تختص بهم منطقة مايرنو فحسب. معظم القادمين إلى مايرنو بحثاً عن هؤلاء الخارقين، يجد نفسه عندما يتجول بالمدينة، أنه تبع سراباً ووقع أسيراً لخدعة ساذجة نسجها البسطاء، وعزّزها الساسة والرياضيون والعشاق وأغنيات البنات.


جميع الحقوق محفوظة © قلب السودان
تصميم : يعقوب رضا