التغير المناخي أدّى"لاضطراب النيل" ويعصف بالقوارب الخشبية في السودان
ظلت عائلة عمر الأمين تتوارث لعشرات السنين، حرفة تصنيع القوارب (المراكب) الخشبية المربحة على شاطئ النيل بجزيرة توتي" شمال العاصمة الخرطوم، لكن الاضطراب الكبير في مستويات مياه النيل خلال الفترة الأخيرة دفع الكثير من الصيادين للتخلي عن المراكب الخشبية والاتجاه نحو المراكب الحديدية الأكثر قدرة على التأقلم مع المتغيرات المناخية.
وإلى جانب مميزات القارب الحديدي وسهولة استخدامه، فإن ثمة عامل آخر ساهم في تراجع الطلب على صناعة القوارب الخشبية في السودان وهي انتشار الزوارق الحديثة. ومنذ عقود طويلة ارتبطت القوارب الخشبية بشاطئ منطقة أبوروف بمدينة أم درمان، إلى جانب عدد من المناطق الأخرى في مختلف الولايات، قبل أن تبدأ في الاندثار خلال الفترة الأخيرة.
ويشير عاملون في مجال صيد الأسماك إلى تزايد مضطرد في حالات المد والجزر في النيلين الأزرق والأبيض الذان يلتقيان في الخرطوم ليكونا نهر النيل - أطول نهر في أفريقيا. ووفقا للصيادين، فإن حركة المد والجزر المستمرة تجعل من الصعب استخدام القوارب الخشبية، وهو ما دفعهم لاستبدالها بالقوارب الحديدية.
ويقول يسري عمر الأمين أحد أشهر صانعي القوارب الحديدية بجزيرة توتي ، إن ثمة فوراق كثيرة رجحت كفة القارب الحديدي على الخشبي من بينها خفة وسهولة القارب الحديدي في المياه، وعدم تأثره بضحالتها او ارتفاعها، عكس القارب الخشبي الذي يحتاج إلى مستوى محدد من المياه.
وشهدت السنوات الأخيرة تغيرات متباينة في مستويات مياه النيل في السودان في إضمحلال شديد في بعض شهور السنة والفيضانات الجارفة خلال فصل الخريف، وذلك بسبب التغيرات المناخية الكبيرة التي تشهدها قارة أفريقيا.وأثرت هذه المتغيرات بشكل مباشر على أنشطة صيد الأسماك والزراعة. ووفقا لتقرير حديث، فقد انخفض متوسط تدفق النيل من 3000 متر مكعب في الثانية إلى 2830 متر مكعب خلال الفترة الأخيرة.
وحذر تقرير صادر عن الأمم المتحدة من أن تؤدي قلة هطول الأمطار وزيادة موجات الجفاف المتوقعة في أفريقيا إلى تقليص مياه الأنهار بنسب يمكن أن تصل إاى 70 في المائة بحلول عام 2100.