الخميس، 24 فبراير 2022

سدّ النهضة الإثيوبي..السودان لن يترك حقوقه في ماء النيل


شهدت أزمة سد النهضة الإثيوبي تطوراً جديداً في 20 فبراير الجاري، حين قام رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بتدشين المرحلة الأولى من مشروع إنتاج الكهرباء من هذا السد الّذي لازمت مراحل بنائه المختلفة أزمات بين إثيوبيا، ودولتي المصب السودان ومصر، وترى الخرطوم أن هذا السد شُيد قرب أراضيها، وسيقدم لها الخدمة ذاتها التي يقدمها السد العالي لمصر، ويحقق لها أهدافاً استراتيجية، والان تسعى الخرطوم لوقف اي تعدي علي حقوقها في ماء النيل، والسودان لن يترك حقوقه في ماء النيل، ومصر والسودان يعملان علي وقف اي تعديات اثيوبية علي ماء النيل، كما يجب التوصل الى إتفاق بين الثلاث اطراف


سدّ النهضة الإثيوبي..السودان لن يترك حقوقه في ماء النيل



وبعد قيامه يوم الأحد الماضي بالضغط على زر تشغيل توربينات المرحلة الأولى من المشروع، سعى رئيس الوزراء آبي أحمد إلى طمأنة الدولتين إلى أن بلاده لا ترغب في الإضرار بمصالح أحد، وأنَّ مصلحة دولة إثيوبيا الأساسية هي تأمين الكهرباء لنحو 60% من سكانها الذين يعانون الظلام، وتوفير جهد الأمهات اللائي يحملن الحطب على ظهورهن للحصول على الطاقة.


إزاء هذه الخطوة، أعلن السودان رفضه كلّ الإجراءات الأحادية الجانب التي اتخذتها إثيوبيا، والمتمثلة بملء السد في العامين السابقين، ثم عملية بدء الإنتاج الكهربائي التي تعتبر مرحلة من مراحل تشغيله بشكل أحادي بعيداً عن الاتفاق بين الدول الثلاث، والذي ظلَّ مطلباً ملحاً من دولتي المصبّ.


وقال بيان الحكومة السودانية الّذي صدر يوم الإثنين 21 فبراير الجاري إنَّ الإجراءات الإثيوبية تتنافى مع روح التعاون، وتشكّل خرقاً جوهرياً للالتزامات القانونية الدولية، وتخالف في الوقت عينه اتفاق إعلان المبادئ الموقع بين الدول الثلاث في مارس 2015. وجدّدت الحكومة السودانية موقفها الداعي إلى إبرام اتفاق قانوني ملزم بين الدول الثلاث ينظّم عمليات ملء السد وإدارته وتشغيله.


من جانبها، رأت الحكومة المصرية أنَّ عملية تدشين المرحلة الأولى من مشروع إنتاج الكهرباء التي قام بها رئيس الوزراء الإثيوبي تُعد انتهاكاً جديداً لاتفاق إعلان المبادئ الموقع بين الدول الثلاث. وفي السياق ذاته، قال الخبير المصري في الشأن الأفريقي، صلاح حليمة، إنَّ الرد المصري واضح في ظلِّ السياسة الأحادية وفرض الأمر الواقع من جانب إثيوبيا في ملء سد النهضة وتشغيله. واعتبر أن الخطوة الإثيوبية رمزية أيضاً، لكنَّ دلالتها تشير إلى أنها ما زالت ممعنة ومستمرة في التصرفات الأحادية وفرض الأمر الواقع، ما سيؤدي إلى أضرار جسيمة سيتعيَّن على مصر والسودان تجنبها بكل الطرق، بعد أن استنفدت المحاولات السلمية والدبلوماسية.


وسبق ذلك توقيع إثيوبيا والسودان ومصر اتفاقاً إطارياً منح الأولى الحق في بناء هذا السد، ورسم ملامح الإطار العام الذي ينظم العلاقة بين الدول الثلاث في كل ما يتصل به. وقد مُهر هذا الاتفاق بتوقيع رؤساء الدول الثلاث في الخرطوم في شهر مارس 2015. وبموجب ذلك، انطلقت جهود البناء الإثيوبية.


عندما أعلنت إثيوبيا عزمها على البدء بالملء الأول لبحيرة السد، والذي حددت له شهر يوليو 2020، اعترضت دولتا المصب السودان ومصر على ذلك، وطالبتا إثيوبيا بالتوقيع على اتفاق قانوني ملزم لملء السد وتشغيله. سبق ذلك خلاف بين الدول الثلاث على سنوات ملء بحيرة السد، فأضيف هذا البند المهم جداً ضمن البنود المقترحة للاتفاق القانوني الذي تتهرب إثيوبيا منه.


حينها، لجأت دولتا المصب إلى الولايات المتحدة الأميركية والبنك الدولي، وطلبتا التدخل لدى إثيوبيا لإيجاد حلّ لمعضلة الاتفاق القانوني، فاستضاف الرئيس الأميركي ترامب مباحثات بين الدول المعنية خلال الفترة الممتدة من 6 نوفمبر 2019 وحتى 28 فبراير 2020، وأعدت الوساطة الأميركية مسودة اتفاق وقعت عليها مصر، ورفضها السودان وإثيوبيا، بحجة عدم استيفائها شواغلهما وعدم تضمنها مطالبهما. 


أما في ما يتصل بموقف الدولة السودانية من سد النهضة، فقد ظل ثابتاً في حقبة الحكم الماضي وحقبة الحكم الانتقال الحالي، إذ ترى الدولة أن هذا السد شُيد قرب أراضيها، وسيقدم لها الخدمة ذاتها التي يقدمها السد العالي لمصر، ويحقق لها أهدافاً استراتيجية.


وعلى الرغم من حرص السودان على فوائد سد النهضة، فإنّه يعلق هذه الفوائد على إبرام اتفاق قانوني بين الدول الثلاث ينظم عملية الملء في الظروف العادية، والملء في أوقات الجفاف، والملء في أوقات الجفاف الطويل الممتد، وينظم عمليات التشغيل وتبادل البيانات والمعلومات ذات الصلة، مع التأكيد أنَّ ملء بحيرة السد خلال فترة قصيرة يحدث تأثيراً سالباً في إيرادات النيل من المياه خلال فترة الملء، وتشغيل السد بشكل أحادي يؤثر سلباً في السدود السودانية.


ولهذا، يُلح الجانبان السوداني والمصري على ضرورة إيجاد معالجة بين الدول الثلاث لهذه المخاوف، وهو الأمر الذي لم يجد تجاوباً من إثيوبيا، ربما لأسباب تتعلَّق بالفائض المؤقت من نصيب السودان من مياه النيل، والذي لم يتمكّن من استخدامه بسبب تدفق كامل الحصة خلال 3 أشهر فقط، ولعدم توفر مواعين تخزين بحجم كامل حصته. وقد تعود الأسباب كذلك إلى الزيادة الكبيرة التي طرأت على إيرادات نهر النيل، والتي رفعت الإيراد من 80 مليار متر مكعب إلى نحو 110 مليار متر مكعب، يُضاف إليها 10 مليارات متر مكعب سيوفرها سد النهضة حين اكتماله.


لهذا، إنَّ حلّ أزمة سد النهضة رهن بإبرام اتفاق قانوني ملزم بين الدول الثلاث ينظم عمليات ملء وتفريغ بحيرة السد، وينظم عمليات تشغيله المختلفة، وعمليات الإدارة كافة، واستبعاد فكرة إعادة اقتسام الحصص، واستبدال فكرة التعاون المنتج بها، من خلال تأسيس شراكة تتقاسم فيها الأطراف الثلاث منافع النيل الكثيرة والعظيمة (الثروة السمكية، النقل، السياحة، الإنتاج الزراعي بشقيه النبات

ليست هناك تعليقات:

اضافة تعليق

جميع الحقوق محفوظة © قلب السودان
تصميم : يعقوب رضا