تواجه القارة الأوروبية تحديا جديدا فى هذه الفترة، فى ظل توغل شبكات الحركات الإسلامية داخل عدد من المؤسسات الاجتماعية والسياسية، وبالرغم من محاولات منفردة تقوم بها الدول الأوروبية لمواجهة هذه المخاطر، إلا أن غياب الرؤية الجماعية يمنعها من الوصول لطريقة مناسبة وحازمة لمواجهة هذه الأخطار مستقبلا.ويركز صانعو السياسات حاليا على ما وراء تهديد الإرهاب الذي هيمن على التحديات الأمنية لمدة عقدين، وأصبح السؤال الآن: كيف تتمكن الدول الأوروبية من فهم الجماعات المتطرفة التي تمارس سيطرة إيديولوجية على قطاعات من السكان ، وتعاقب عليها في نهاية المطاف؟
ففى تحليل منشور أشار إلى أن، الأشخاص الذين تستهدفهم المجموعات الأوروبية هم مهاجرون ، أو من خلفيات مهاجرة ، وأصبحت جماعة الإخوان المسلمين ، وحزب الله اللبنانى والجماعات السياسية التركية هى أكبر الجماعات التى تهدد الدول الأوروبية، وتزيد من التحديات التى تواجه العالم حاليا.حيث قامت فرنسا بإطلاق أجندة لمواجهة انتشار الأفكار الإسلامية المتطرفة، والتى يراها المحللون تواجه القيم الفرنسية والثقافة المجتمعية، وتهدد الأمن والسلم العام لفرنسا، كما قامت النمسا أيضا بإطلاق مرصد لمراقبة الجماعات الإسلامية المتطرفة والأفراد ، من أجل متابعة نشاط هؤلاء فى المجتمع النمساوى، ومدى المخاطر التى يمكن أن يلحقون بها المجتمع خلال الفترة المقبلة.وفى هذا السياق أعدت لجنة برلمانية فى البرلمان الهولندى تقريراً عاجلاً يدعو ملاحقة رسمية عاجلة لشبكات جماعة الإخوان السرية في البلاد، فى ظل المخاطر الناجمة عن أنشطة الجماعة والمنظمات التابعة لها.
كما تجري ضغوطا كبيرة حاليا على الحكومة السويدية للتدخل لمنع استغلال المدارس الحكومية وحتى رياض الأطفال من تقديم مواد متطرفة او دروسا يشتبه أنها ممولة من جماعات متطرفة، وما يمكن ان تسببه من مخاطر على الأطفال مستقبلا، فى ظل تقارير تشير إلى تلقى شخصيات متطرفة معروفة لدى الدولة أموالاً للعمل كمدرسين بمرتبات حكومية ، لكنهم لا يقدمون تعليمًا سويديًا معترفًا به ، وإنما مواد تعليمية تحث على التفرقة بين الجنس والعقيدة والدين ، وبالرغم من توفر تقارير أمنية تكشف عن توسع الفجوة فى المدارس وشيوع ثقافة تمييزية بين الأطفال من خلال شخصيات تقوم بذلك عمدا، إلا أن أجهزة الدولة لم تتخذ الإجراءات المناسبة حتى الآن.ومؤخرا صدر تقرير معهد جلوبسيك للسياسات ومقره سلوفاكيا كشف أن منظمة الاتحاد الأوروبي للمنظمات الإسلامية (FIOE) في أوروبا أنشأ قسمًا في وسط وشرق أوروبا، وهو ما زاد من مخاوف وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني جيمس كليفيرلي ، الذي قال إن جماعة الإخوان المسلمين ستستفيد من المصاعب التي تسببت بها جائحة كورونا لتوسيع نفوذها فى عدد من الدول الأوروبية.
وتتصدر جماعة الإخوان قائمة الجماعات التي تمارس من التمييز والتطرف فى أوروبا، حيث تري أجهزة الاستخبارات الأوروبية ان جماعة الإخوان من خلال أنشطتها وسياساتها تخلق بيئة خصبة للجماعات المتطرفة ، تقوم بتبني العنف والعمليات الإرهابية فيما بعد، أى أن انشطة الاخوان واجندتها الفقهية المرجع الأساسي لجماعة العنف والتطرف حول العالم.
ويري الباحث المتخصص فى الجماعات الإسلامية لورينزو فيدينو ، ومؤلف كتاب "الدائرة المغلقة - الانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين وتركها في الغرب" أن الحكومات الأوروبية تستعد للدفاع عن أنظمتها الدستورية من نفوذ الجماعات الإسلامية الراديكالية، مع انتشار مخاطر هذه الجماعات فى أوروبا، حتى ولو اتخذت أسماء مختلفة وأشكال تنظيمية مختلفة للهروب من القوانين الأوروبية0فعلى سبيل عندما مثل أنس التكريتي المقيم في بريطانيا أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس العموم في عام 2016 والذي يدير مجموعة استشارية يفترض أنها تهدف إلى "سد فجوة التفاهم بين العالم الإسلامي والغرب"، ادعى أن انجلترا ليس لديها تنظيم لجماعة الإخوان المسلمين، إلا أنه اعترف بأن الجمعية الإسلامية البريطانية (MAB) تبنت مباديء جماعة الاخوان الأسياسية.
أكد فيدينو أن الجماعة تتواجد بشكل مكثف فى أوروبا ولكنها تتخذ عددا من الاحتياطات الواجبة قبل قبول أى عضوية به، ولكنها تتبع معايير أكثر صعوبة بل وصادمة فى حالة رغبة اى عضو بها للمغادرة.كان معهد الأبحاث الفرنسي "مونتين " رصد فى تقرير له عام 2018 أن برنامج التوسع التى تتبنها الجماعة مبني على منطق متشدد وتعريفه للمواطنة الإسلامية التي ينتمي إليها أتباعه، وسمح ذلك للناشطين بالتركيز على قضايا الهوية والتعليم والشمولية ومفاهيمهم الخاصة عن الخوف من الإسلام.كما تعتمد جماعة الاخوان على مراكز بحثية ومؤسسات أهلية ومراكز لصناعة القرار من أجل تمرير أفكارها فى الدول الأوروبية، تحديدا فى فرنسا وايطاليا، وهو ما زيد من التحديات أمام الدول الأوروبية التى ناضلت كثيرا من أجل الحفاظ على المكتسبات الدستورية التى تمنح لمواطنيها الحرية والديموقراطية وتداول سلمى للسلطة، بعيدا عن الأفكار الراديكالية لجماعة الاخوان وأتباعها اتلى تعمل على تغيير المجتمعات تدريجيا.
ورصد تقارير استخباراتية أوروبية من قيام قطر بتقديم تمويل سخي لجماعات إسلامية محسوبة على الاخوان المسلمين فى إيطاليا، وأن هناك تمويل سخي أيضا إلى جمعيات فرنسية تم تقديمه من قطر، لذا أصبح هناك حاجة للتوصل إلى آلية جماعية من الدول الأوروبية لمواجهة خطر الاخوان المسلمين، وما قد تلعبه سلبا على المجتمعات الأوربية مستقبلا.
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق