حمدوك: لا انتصار في الحرب..البندقية لن تجلب السلام..التفاوض هو الحل
أكد رئيس الهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “التغيير”، الدكتور عبد الله حمدوك، أن الحل الدائم للأزمة السودانية يتطلب وضع خطة شاملة تعالج الأسباب الجذرية التي أدت إلى اندلاع النزاع، وتحدد ملامح الرؤية المستقبلية لما بعد انتهاء الحرب. وأوضح أن هذه الخطة يجب أن تكون مدروسة بعناية لضمان تحقيق الاستقرار والسلام في البلاد.
دعا حمدوك إلى ضرورة تصميم عملية سياسية موحدة تتضمن مسارات متعددة تعمل بشكل متزامن، تشمل وقف الأعمال العدائية، معالجة الأزمات الإنسانية، إجراء حوار سياسي، وإعادة بناء المؤسسات. كما شدد على أهمية إنشاء آلية لمراقبة الخروقات التي قد تحدث من قبل الأطراف المتصارعة، لضمان الالتزام بالاتفاقات وتحقيق السلام المستدام.
في بيان له بمناسبة ذكرى ثورة أكتوبر المجيدة، أشار حمدوك إلى الأوضاع الراهنة التي تعاني منها البلاد، حيث يعاني الشعب من نزيف دم ودمار غير مسبوق استمر لأكثر من عامين. ولفت إلى أن الحرب تركت آثارًا مدمرة على المجتمع، حيث أصبح العديد من المواطنين مشردين ولاجئين، في ظل مشاهد مؤلمة من القتل والتعذيب، مما يستدعي تحركًا عاجلاً لإنقاذ الوطن وإعادة الأمل لشعبه.
و أكد حمدوك أن هناك جهات لا تزال تسعى لإشعال الفتن وزيادة التوتر في البلاد، رغم كل ما شهدته السودان من أحداث مؤلمة خلال الفترة الماضية. وأشار إلى أن هذه الأطراف تحرض على العنف وتدعو إلى قتل الأبرياء وتدمير ما تبقى من البنية التحتية. ورغم بعض الجهود التي تبذلها الأسرة الدولية، إلا أن هناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به لوقف هذا الدمار المستمر.
اعتبر حمدوك أن ما يتعرض له السودان اليوم هو محاولة لطمس تاريخ وهوية الشعب السوداني العريق، الذي يمتد لآلاف السنين. وأكد أن الشعب السوداني، منذ نيله الاستقلال، ظل يقاوم القهر والذل، ويثور ضد جميع أشكال الديكتاتورية، مطالبًا بالحرية والديمقراطية والعيش الكريم، وقدّم في سبيل ذلك تضحيات جسيمة، حيث سقط مئات الآلاف من الشهداء.
أضاف حمدوك أن ثورة أكتوبر 1964، التي نحتفل بذكراها اليوم، تُعتبر واحدة من أبرز المحطات النضالية في تاريخ السودان، تلتها انتفاضة أبريل 1985، ثم ثورة ديسمبر 2018. وأكد أن هذه الثورات تعكس إصرار الأجيال المختلفة على مواصلة النضال مهما كانت التضحيات، مشددًا على أن شعبًا بهذا العزم لن تنكسر إرادته ولن يتراجع عن مشروع التحرر والانعتاق، مهما كانت التحديات التي تواجهه.
و أكد حمدوك في الذكرى الستين لثورة أكتوبر أن أبناء وبنات السودان لا يزالون يسعون بجد لتحقيق حلمهم في بناء وطن حر وديمقراطي، يضمن للجميع حقوقهم ويحتفي بتنوعهم. وأشار إلى أهمية توفير ظروف معيشية كريمة لكل المواطنين على هذه الأرض الغنية بالموارد.
وأوضح حمدوك أن تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) لم تكتفِ بالتعبير عن رفضها للحرب، بل وضعت خطة شاملة لبناء السودان الذي يحلم به الجميع. كما قدمت رؤيتها حول كيفية إنهاء النزاع المسلح واستعادة المسار الديمقراطي الذي يضمن حقوق جميع السودانيين.
وصف حمدوك الأزمة السودانية بأنها معقدة، مشددًا على أن الحلول السطحية التي تركز على الصراع بين الجنرالين لن تؤدي إلى نتائج مستدامة. وأكد على ضرورة التعمق في فهم جذور الأزمة التي أدت إلى استمرار الصراعات المسلحة منذ استقلال البلاد في عام 1956.
وقال حمدوك أن المسؤولية الرئيسية لوقف الحرب بشكل فوري تقع على عاتق السودانيين، مشيراً إلى أنهم الأكثر دراية بالأسباب الحقيقية التي أدت إلى اندلاع هذه الصراعات. وأوضح أن هذا لا يقلل من أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه الدول الصديقة والشقيقة في المنطقة، مثل الإيقاد والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية والأمم المتحدة، حيث يأمل أن تضغط هذه الأطراف بشكل فعّال على الأطراف المتحاربة لوقف إراقة الدماء والعودة إلى طاولة المفاوضات.
وأكد حمدوك مجدداً على قناعته بأن الحل العسكري لن ينجح في إنهاء هذه الحرب، وأنه لا يوجد منتصر في مثل هذه النزاعات مهما طالت. وأشار إلى أن الحل الوحيد الممكن يكمن في الحوار والتفاوض، حيث يجب أن تكون مائدة المفاوضات هي الساحة المناسبة لحل هذه الأزمة.
كما حذر حمدوك المجتمعين الإقليمي والدولي من أن السودان يعاني من فراغ دستوري كامل، مشيراً إلى عدم وجود حكومة شرعية منذ انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر 2021. وأكد أن منح الشرعية لحكومة الأمر الواقع لن يسهم في إيجاد حل فعّال لهذه الحرب، مما يستدعي ضرورة العمل على استعادة الشرعية من أجل تحقيق السلام والاستقرار في البلاد.
دعا حمدوك إلى أهمية تشكيل جبهة مدنية تشمل مجموعة واسعة من القوى التي تؤمن بمبادئ الوطن والسلام، وتنبذ العنف، وتؤكد على ضرورة بناء سودان قائم على الحرية والعدالة والحكم المدني الديمقراطي. وأكد على أن هذه الجبهة يجب أن تكون قادرة على توحيد الجهود لتحقيق الأهداف المشتركة.
وشدد حمدوك على أن الخطوة الأولى نحو إعادة بناء المجتمع والسياسة في البلاد تتطلب إنشاء نظام عدلي متكامل. هذا النظام يجب أن يضمن سيادة القانون ويحاسب كل من ارتكب جرائم ضد الوطن والمواطن، مما يسهم في إنهاء ظاهرة الإفلات من العقاب التي ساهمت في تفشي العنف والجرائم ضد الشعب السوداني.
وأوضح حمدوك أن معالجة هذه القضايا تتطلب جهوداً حثيثة من جميع الأطراف المعنية، مشيراً إلى أن تحقيق العدالة هو السبيل الوحيد لبناء مجتمع سلمي ومستقر. وأكد على أهمية العمل الجماعي لتحقيق هذه الأهداف، مما يعكس التزام الجميع بمستقبل أفضل للسودان.
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق